أصدرت سلطة النقد الفلسطينية تقرير التنبؤات الاقتصادية لعام 2016، وأشار التقرير إلى أنه لا تزال تحيط بالاقتصاد الفلسطيني العديد من التحديات والمخاطر التي تهدد وتحد من قدرته على النمو وتحقيق التنمية المستدامة، أبرزها استمرار الاحتلال الإسرائيلي وما يفرضه من تبعية قسرية للاقتصاد الفلسطيني لنظيره الإسرائيلي، والاعتماد على الدعم والمساعدات الخارجية، وتزايد حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي.
وتسببت جميع هذه العوامل في تباطؤ النمو الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، وفي بعض الأحيان تحقيق معدلات نمو سالبة كما حدث في العام 2014، ناهيك عن تداعيات الأداء الاقتصادي على معدلات البطالة التي ظلت ضمن مستويات مرتفعة، وبالأخص في قطاع غزة، كون معدلات النمو المتحققة غير كافية لاستيعاب الزيادة المضطردة في عرض العمل وبالتالي الحد من تزايد معدلات البطالة.
وتشير تقديرات سلطة النقد إلى أنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2015 نمواً حقيقياً تصل نسبته إلى 3.1% مقارنة مع تراجع بنحو 0.2% في عام 2014، مدعوماً بشكل أساسي بتزايد الإنفاق الاستثماري المرتبط بعملية إعادة إعمار قطاع غزة، إلى جانب بعض التحسن في الإنفاق الاستهلاكي الممول من الاستدانة والقروض المصرفية وتزايد عدد العاملين في إسرائيل.
أما بالنسبة لأداء الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2016، فتشير تنبؤات سلطة النقد إلى حدوث تحسن نسبي طفيف مقارنة بالعام 2015، إذ من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.3% مقارنة مع 3.1% في العام 2015. ويتوقع أن ينعكس هذا النمو على الدخل الفردي الحقيقي ليرتفع بنسبة 1% مقارنة مع 1.3% في العام 2015، ليبلغ 1,774 دولار.
أما على مستوى القطاع الخارجي الفلسطيني، فتشير التنبؤات إلى أنه من المتوقع أن تنمو الصادرات بنسبة 6.6% والواردات بنسبة 8.3% والتي ترتبط زيادتها بشكل أساسي بزيادة الاستهلاك. وبالتالي فمن المتوقع أن تؤدي التغيرات في كل من الصادرات والواردات إلى تزايد عجز الميزان التجاري بنحو 9.2%، ليشكل ما نسبته 39.4% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المتنبأ به في العام 2016. ومن المتوقع أيضاً أن ينعكس النمو الإيجابي المتوقع على زيادة فرص العمل والتشغيل، وبالتالي تراجع معدلات البطالة في فلسطين إلى حوالي 24% من إجمالي القوى العاملة في العام 2016.
كما تشير تنبؤات سلطة النقد إلى ارتفاع وتيرة نمو الأسعار خلال العام 2016، وبالتالي عودة معدل التضخم إلى النمو مجدداً ليبلغ نحو 2.0% في المتوسط مقابل 1.5% المقدر في العام 2015.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التنبؤات تبقى عرضة لحالة الاستقرار الاقتصادي والسياسي، خاصة وأن الاقتصاد الفلسطيني يعمل في ظل بيئة عالية المخاطر. وفي هذا السياق، يتولى التقرير تحليل المخاطر (الصدمات) محتملة الحدوث، سواء كانت إيجابية أو سلبية، والتي قد تؤثر على المؤشرات الرئيسة في الاقتصاد.
ويتوقع أن ينمو الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 7.1% خلال العام 2016 في حال حدوث تحسن جدّي في المسار السياسي والوضع الأمني، وتسريع عملية إعادة إعمار قطاع غزة، والشروع في تنفيذ بعض المشاريع الرئيسية والإجراءات الكفيلة بتحفيز الاقتصاد، بالتزامن مع رفع حالة الحصار والإغلاق عن قطاع غزة، إلى جانب تخفيف القيود على حرية حركة الأفراد والبضائع بشكل عام.
أما في حال تدهور الأوضاع السياسية والأمنية بشكل حاد، فإن تنبؤات سلطة النقد تشير إلى تراجع النمو الحقيقي بنسبة 2.4% مقارنة بالعام 2015. وأن يتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4.6%. كذلك يتوقع أن يكون لهذا السيناريو تأثير سلبي ملحوظ على معدلات البطالة، لترتفع إلى حوالي 28% من إجمالي القوى العاملة في العام 2016.
يأتي إصدار هذا التقرير ضمن جهود سلطة النقد لإتاحة المعلومات والبيانات والأبحاث والتقارير الاقتصادية والمالية والمصرفية للباحثين والمهتمين بالشأن الاقتصادي الفلسطيني وقطاعاته المختلفة.